نهر الدموع

" احذري مما تتمنين!" هذا ما قالته لي صديقتي بعد أن أخبرتها في لقاءات متتالية عن حاجتي إلى البكاء، لقد كانت تذكرني برغبتي السابقة قبل عامين بأن أكون قادرة على عدم البكاء إطلاقا وكيف كنت أقاوم انهمار الدموع حتى لا أبكي وكثيرا ما كنت أنجح!

في مساء ليلة من ليالي يناير الباردة قبل ثلاثة أعوام كانت القشة التي قصمت ظهري والشرارة التي أشعلت جحيم نوبة الاكتئاب الحادة بداخلي حينها كنت أبكي لعدة ليالٍ متتالية وكانت تلك المرة الأخيرة التي بكيت فيها.

لماذا أرغب في البكاء؟

لا أرغب في البكاء! أنا أحتاج إليه، أعاني من تلك الحالة التي تجعل بداخلي الكثير من الكلمات التي أرغب في قولها لأحدهم أو لأحد أي أحد ولكنني لا أستطيع.

أتدرب مرارا وتكرارا على تلك المحادثة وأحاول اتقانها، أمارس كل السيناريوهات وأتمرن عليها، أتخيل كيف أبدأ المحادثة وماذا سيقول أحدهم وبم سأرد عليه وتستمر المحادثة ولكنها دوما بداخلي، أبدا لا تخرج.

حينما تتراكم الكلمات والمحادثات بداخلي تزداد أحزاني وأصبح مثقلة بالهموم وتزداد كآباتي ويتوجب عليّ أن أتخلص من هذه الأعباء وأن أسمح للكلمات بالخروج، وهو الأمر الذي لا يحدث ولا أظنها سيحدث.

انسكاب الكلمات

تنهمر الدموع بدلا من الكلمات، أشعر بالراحة وأنا أتخلص من ذلك العبء، أشعر أن الدموع المنهمرة تغسلني من داخلي أو ربما تغسل آثار بقايا الكلمات التي لم أنطقها يوما ما.

مع كل دمعة تنهمر أشعر بنبض روحي يعزف إيقاعا سعيدا معبرا عن الارتياح معلنا التخلص من هذه الأعباء.

من أجل هذا الايقاع أنا أحتاج إلى البكاء.

مرت ثلاثة أعوام تقريبا وما زلت غير قادرة على البكاء حتى أصبحت أظن أن مشاعري أصبحت مجمدة وما عدت أدري هل هناك أمل سيرافق كل هذا الألم؟

تعليقات