سُكر الأحضان

  للحضن أصول!

فتحة دراعين متاخذش إلا أنت، وتسيب تفاصيلك براك...

وكأن مفيش غيرك موجوع محتاج يحتوي حد سخافته، صدقني كثير جدا على عكس المتعارف بتكون صعب السخافات.

محتاج حضن يضمك ترتاح!

قصيدة للحضن أصول، مي رضوان


بعض من القسوة في طفولتي ممزوجة بخوف من إظهار مشاعري وكثير من كلمة لا تبك جعلتني أصبح متبلدة المشاعر.
كانت أخواتي دائما ما يكررن لي أنني بلا مشاعر، أحيانا كانت والدتي تمازحني أيضا وتقول ذلك، والدي أيضا.
اعتدت سماع هذه الجملة حتى أصبحت حقا بلا مشاعر! أو هكذا كنت أصدق.

كنت أستطيع الحفاظ على مشاعري مكبوتة في أغلب الأوقات، ولم تكن تلك مشكلة.
المشكلة كانت حين تنفجر المشاعر فتأتي بكل مكبوح وكأن فيضانا كان أقوى من أعتى السدود فأتى بالسدود ليدمرها وينطلق.
كان والدي يعنفني إذا بكيت لأنه عنفني ولذلك كنت أكتم بكائي لأصير متبلدة أمام تعنيفه حتى أختلي بنفسي، كانت خلوتي في دورة المياه فأنفجر في دقائق لأزيح عن صدري كما من المشاعر لم أكن أتصور وجوده، ثم أمسح وجهي لأعود إلى الحياة بوجه متبلد وأتقبل الصعاب كلها مرة أخرى.

لم أكن أعرف معنى الحضن أو لماذا يكون الحضن مهما! كان إجراء روتيني في كل مرة نسافر ولكني أبدا لم أشعر بشيء يصدر منه.
بعد أن جربت الشعور بشيء مختلف لأول مرة حين كنت ابنة اربعة عشر عاما، كان لدي شوق لتجربة مشاعر أخرى مختلفة، لا شيء محدد بل أية مشاعر.
عدا مشاعر الحضن كنت أرغب بتجريبها بشدة، لا أعلم السبب ولكني أعلم أنني لطالما رغبت بتجربتها، لم أستطع يوما وصف ما كنت أريد حتى استمتعت إلى قصيدة بعنوان "للحضن أصول" تقول فيها الشاعرة:

"عمرك حسيت إنك محتاج حُضن؟
مش شرط يكون من حد مُعين أو عارفك
وكفاية أوي إنه يكون دافي ومش متكروت
في سلام مستعجل ومجرد بس بروتوكول
للحضن أصول!
فتحة دراعين متاخذش إلا أنت، وتسيب تفاصيلك براك
من غير تفسير لتصرُّفها غير رغبة لـ بث الدفا جواك"

حين استمتعت إلى هذه الكلمات للمرة الأولى شعرت برعشة غريبة تسير في جسدي، وكأن أحدهم استطاع أن يقتحم عقلي البعيد لمعرفة ما يدور بداخله ووصفه بكلمات بسيطة.
نعم هذا ما كنت أريده، تعرفت على الكثيرين واستطعت أن أثق ببعضهم قليلا لكن أحدهم لم يعطني هذا الحضن أبدا.

أخيرا في عامي التاسع عشر استطعت أن أخوض تجربة أن أُحتضن بهذا الحضن، كان إحساسا غريبا مزيجا من الخوف والأمان يغنيان، الدفء والبرود يرقصان، الصمت والكلام يتبارزان، الراحة تسيطر على الموقف بأكمله.
أعتقد أن هذا ما يسمى حالة السُكُر.

لم أدر ما طيب العناق على الهوى

حتى ترفق ساعدي فطواك

أحمد شوقي

تعليقات