لم أتعلم يوما كيف أبحث عن المشاعر، كل ما تعلمته هو كيف يجب عليّ أن أخفي مشاعري فقط.
حين كنت صغيرة كانت مشاعري مندفعة، سريعا ما أضحك وسريعا ما أبكي، أندهش من الأشياء وأتعجب واتساءل كلما مررت بشيء جديد، كيف ولماذا؟ هما سؤالي الطفولة اللذان أذكرهما.
كيف يحدث ذلك؟ لماذا سيحدث ذلك؟
"تاليا يجب أن تفعلي كذا" - بالطبع كنت أود لو أنها تقال بهذا اللفظ!- حسنا سأفعل، فقط بعد أن أعرف لماذا سأفعل ذلك؟
في البداية قالوا أن هذه فطنة فطرة، ثم قالوا "لماضة"، ثم قالوا متمردة، ثم قالوا غير مؤدبة ثم تزايد الأمر.
كنت اتساءل عن كل الأشياء حتى مشاعري لم تسلم من تساؤلي عنها.
كيف وماذا؟
إذا كانت أسئلتي البسيطة عن أمور عادية تعد ممنوعة، فكيف بالسؤال الأهم والأعظم لي في ذلك الوقت؟
السؤال الذي ما زال مرافقا لي حتى الآن!
ماذا أكون؟ كيف سأكون؟
في أوقات كثيرة كان يجب عليّ لا أن أخفي مشاعري فقط بل أن أقتلها تماما. كيف أظهر مشاعري وهي محط تساؤلاتي المستمرة؟ كيف أشاركها مع المجتمع وقد صرت أخشى مواجهته.
حيرتي عن نفسي وما يدور بداخلي من صراعات لا يعلم عنها أحد، بالاضافة إلى الطفولة العادية التي عايشها جميع أبناء مجتمعي والتي كان بها بعض من القسوة التي لم أفهمها وقتها، كل ذلك بالاضافة إلى التساؤلات العادية عن كل ما يدور حولي من أمور كالحياة والتعليم والصحة والجنس والدين والعبادة والمجتمع كان كفيلا بتحقيق عزلتي.
عزلتي بالاضافة إلى ما كان يمنعني من التعبير عن مشاعر الحزن كالبكاء حين أغضب أو حين يتم حرماني من شيء أو حين أعاقب على "تمردي" أو جملة "مفيش راجل بيعيط" وإحساسي بالاختلاف الذي جعلني أشعر بالنقص والدونية، كانوا سببا في محاولاتي لقتل مشاعري.
ما الهدف من المشاعر إن كانت لا تفيد؟ هذا هو التساؤل الذي وجدت له إجابة في حينه، كانت الإجابة لا يوجد! إذا لنتخلص منها، وهكذا! قتلتها حتى صارت سمعتي وسط الجموع "إنسان منعدم المشاعر".
つづく
تعليقات
إرسال تعليق