لا أعلم تحديدا ماذا كانت مشاعري الأولى، لكنني أتذكر جيدا حينما شعرت لأول مرة بأن هناك شيئا خاطيء!
لم يكن مجرد شيئا خاطئا بل عدة أشياء.
لماذا أشعر هكذا؟ لماذا أفكر هكذا؟ هل هذا الأمر طبيعي؟ هل يمكنني أن أفكر بهذه الطريقة، أم أن هناك شيئا خاطئا؟
كنت ذكية منذ الصغر -هكذا يقولون دوما- سريعة البديهة، ربما هذا ما جعلني أعتقد أن هناك شيئا غير صحيح، أدركت من نظرات الآخرين خصوصا البالغين بأنني يجب أن أنتبه لأفعالي وأقوالي، كانت أفعالي عبارة عن تقليد لما تفعله بعض البالغات. وهنا كانت المشكلة، البالغات لا البالغين، كان عليّ أن أتوقف عن تعلم الرقص مثلا والردح وهما أكثر ما لفت انتباهي في التلفاز، كنت أراهما علامات قوة -لا تسألني كيف فذلك موضوع آخر- كان عليّ أيضا أن أقلل من تواجدي مع أمي في مجالس النساء، أيضا كنت أصطنع الخشونة والعنف عند اللعب مع الأطفال حيث غالبيتهم من الفتيات.
حسنا لا بأس، سأتوقف عن كل ذلك ولكن ماذا عما يدور بداخلي؟
كنت أحب أن أشعر بمشاعر الأمومة، أذكر أنني كنت أحلم بذلك اليوم الذي ينموا فيه ثديي لأكون جاهزة للإرضاع.
كنت ألعب مع دميتي وأصدقائي التخيليين لعبة الشاي، كنت أنا والتخيليين ربات بيوت نجلس سويا لنتبادل أطراف الحديث حول أمور الأسرة وكيف أننا - ربات البيوت - الأقدر وحدنا على الحفاظ على تماسك وترابط الأسرة واستيعاب الصدمات، تحدثنا أيضا عن تعدد المهام فمثلا نقوم بعمل أكثر من مهمة منزلية وننهي كافة الأعمال بدقة قبل الظهيرة لنستعد لقضاء أوقات ممتعة باقي اليوم.
كنت أخبرهن أيضا بأزمتي مع رضيعتي الصغيرة التي بدأت أسنانها في النمو وكيف أنها قد عضت ثديي حينما كنت أرضعها.
ما هذه التخيلات؟ هل يجب أن أتخيل تلك الأمور مع أصدقائي التخيليين؟
مفاتن الأنثى قوة لها وهي من الهبات التي منحت لها ويحق لها استخدامها كيفما شاءت
هذه نقطة أخرى، في أفكاري كنت أرى أن مفاتني يجب أن تكون قوة لي، ولكن أين هي ومتى ستكون مفاتني فاتنة؟
ربما أتحدث عن ذلك في يوم آخر
والآن
متى خُلقت مشاعري؟
أعلم أن مشاعري كانت موجودة منذ أمد بعيد، أذكرها منذ كنت في الرابعة من العمر، أذكرها حتى اقتربت من انهاء عقدي الثالت، أحاول أن أحددها وأن أتعرف عليها أكثر وربما أن أفهمها أيضا.
أعلم أني مررت بفترات متكررة من فتور المشاعر ثم نشاطها مرة أخرى ثم الفتور ودواليك.
أعلم أيضا أنني الآن في مرحلة من الفتور الطويل، لا أدري إن كانت ستنتهي قريبا أم أنها ستطول أكثر.
أعلم يقينا أنني على الرغم من كل ما يقال بأنني عديمة المشاعر، إلا أنني أمتلك مشاعرا في مكان ما في روحي الباهتة.
لقد كانت مشاعري مع روحي منذ الأزل، وكلما اقتربت روحي من سعادتها أو حريتها كانت مشاعري متواجدة وقوية، وكلما أجبرت هذه الروح على الصمت والخضوع، كلما خفتت مشاعري معها.
ربما يوما ما أتحرر وتتحرر مشاعري مع هذه الروح التائهة.
تعليقات
إرسال تعليق